موسيقار الشعر …

الشعر هو مجموعة أنغام تتراقص على أوتار الحياة ، موسيقاه لحن يتغلغل إلى أعماقك ليسكن روحك ، يشدوا به شاعر وهب للشعر كل إحساسه وعاطفته وذكرياته ، فوهبه الشعر الخلود الأبدي ، هذا ما أكده موسيقار الشعر حينما قال :
وهبت للشعر إحساسي وعاطفتي *** وذكرياتي وترنيمي وأناتي
فهو ابتسامي ودمعي وهو تسليتي*** وفرحتي وهو آلامي ولذاتي
يفنى الفنا! وأنا والشعر أغنية *** على فم الخلد يا رغم الفنا العاتي
أحيا مع الشعر يشدو بي وأنشده *** والخلد غاياته القصوى وغاياتي.
موسيقار الشعر عبدالله البردوني ذلك الشاعر الذي فقد فقد بصره في صغره وأصبح كفيف وفقد الأمل في عودة بصره
كرجوع السنى لعيني كفيف *** بغتة كإخضرار نعش جفيف
لكن أمراً كهذا لم يثنيه عن قرض الشعر حتى كون مخزونه الوافر من المترادفات التي صاغها شعراً ولحناً أطرب ذواق الشعر في كل مكان ، وكما يقول في أحد حواراته “ كنت أحفظ الحروف دون كتابتها, وكنا نقرأ الحروف قراءة إنشادية, فيها شيء من الإطراب, تشبه الإنشاد الذي يصاحب الجنازة من قبل الأطفال, فهؤلاء في اليمن إذا تقدموا الجنازة يحوّلون الإنشاد الجنائزي إلى موسيقى فريدة “ وهذه البدايات أوجدت لديه الموسيقى الشعرية التي جعلت النقاد يصنفونه كمدرسة خاصة حيث يقال هناك شعر تقليدي ، وشعر حداثي ، وشعر عبد الله البردوني .
ومن أجمل ما أبدعه قصيدته بشرى النبوة التي ستبقى خالدة مدى الدهر بإذن الله والتي قالها في مدح الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه :
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار *** وحيا و أفضت إلى الدنيا بأسرار
بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا *** و أعلنت في الربى ميلاد أنوار
و شقّت الصمت و الأنسام تحملها *** تحت السكينه من دار إلى دار
و هدهدت ” مكّة ” الوسنى أناملها *** و هزّت الفجر إيذانا بإسفار
عبد الله البردوني بحق موسيقار الشعر ومدرسة من الإبداع ، فهو القائل : بأن “الإبداع هو الذي ينقلك إلى عالمه ، وتشعر أنك انقطعت عن عالمك “
رحمك الله ياموسيقار الشعر العربي … رحلت عن دنيا الفناء ، ولكنك سجلت اسمك في صفحات الخالدين … ونقشت اسمك على ذاكرة اللانسيان .. ستبقى ذكراك ملهمة لشعراء آخرون يقتبسون لحنا من شعرك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق